الأربعاء، 31 أغسطس 2011

فرصة


فرصة
بقلم محمد الخريصي:
      ليس معنى الثورة والحرية هو ان أكبت حريات الآخرين وأطفىء شمعة من يخالفني الرأي ومعارضته إلى الأبد، فلا أخفي حزني الشديد على كوادر شابة عديدة تميزت بحسن أدائها وممارستها للعمل الحزبي والسياسي، حيث نجح الحزب الوطني سابقا في ضمها إليه، وعمل على تعطيلها فترة من الزمن بقصد انتظار نضوجهم الشعبي، والأمثلة كثيرة وعديدة، ورغم ذلك فقد كانوا مثالا يحتذى به في الطاعة والالتزام الحزبي، وبجعبتي العديد من تلك الحوارات الصحفية التي اجريتها معهم وسبق ان نشرت معظمها بمجلة روز اليوسف العام الماضي، فقد تضمنت احدى هذه اللقاءات عنوانا عريضا توسط صفحتي المجلة ينص على أهمية المشاركة المجتمعية كونها أحد عوامل ممارسة الحق الديموقراطي, ورصد المقال حالة اللامبالاة من قبل الشارع لما يحدث في مصر من تزوير في انتخابات الشورى ومن بعدها الشعب بل ووصل الأمر إلى مشاركة نسبة كبيرة من أطياف الشعب من المهتمين بالأمور السياسية بالسعي قدما لمجاملة أقاربهم او من يناصرون بالوقوف الى جوارهم والمشاركة في فضيحة التسويد، ليكونوا أطرافا رئيسية في احداث الفوضى العارمة التي اجتاحت مصر سياسيا في تلك الفترة العصيبة، ولا أخفي انتشار الكليبات الفاضحة على مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر والتي نمت عن هزلية التزوير الصريح المعلن دون رادع.
  لم تكن صرخات الكلمات البسيطة التي تنشد المشاركة تعكس غير الواقع الذي افتقد الى الكثير من مقومات العمل السياسي في تلك الفترة فحسب, وانما كانت اخر كلمات يلفظها المستنجدون باحبال تسوق الى موت الهوية.
   أسفت حقا لاننا نزيح عن العمل السياسي كوادرا كانت تنشد المشاركة الحقة في العمل الحزبي بكل حيادية, وذنبها الوحيد انها قامت باختراق بوابة السياسة دون دراية لوهن الشعبية الهشة التي يجرفها الحزب الوطني سابقا, الامر الذي وأد نشاطهم السياسي في مهده, فعلينا ان نعيد حساباتنا مرة اخرى ونقيم من جديد هذه الكوادر المصرية وإن اختلفنا معها فترة, ونعطي لهم الفرصة والاستفادة من افكارهم من اجل النهوض والارتقاء بمصرنا الغالية.  

السبت، 20 أغسطس 2011

9 كيلومترات من التموجات الفولاذية تزين الطبيعة بسنغافورة

بقلم محمد الخريصي:
يعتبر جسر هندرسون أعلى جسر للمشاة في سنغافورة, حيث يبلغ طوله حوالي 9 كيلو مترات مربعة, وتحيطه العديد من الحدائق والمتنزهات, وتضفي عليه ألوانه نوعا من الجاذبية إضافة إلى روعة تصميمه الفريد. وتنطلي على الجسر أهمية كبرى كونه يربط بين جبل فابر بارك وحديقة "بلانجه تيلوك هيل"، كما يتخذ الجسر شكلا هندسيا مختلفا مذاقه لما يتميز به من انحناءات شكلت نحو 4 قمم و3 قاعات هي عبارة عن مناطق للهبوط, يبلغ طول الموجة الواحدة من الجسر حوالي 274 مترا, كما تبلغ أعلى نقطة مغادرة على الطريق حوالي 36 مترا, ويكتسب المشاهد من أعلى الجسر التمتع بمشهد طبيعي في غاية التألق والجمال، الأمر الذي يضفي على البصر مشهدا متموجا ودينامية بصرية, وقد قام بافتتاحه رئيس الوزراء السنغافوري "هسين لونج لي" حيث تم كشف النقاب عن المشروع الهندسي العملاق بسنغافورة في مطلع مايو 2008.
منافسة دولية
وقد تم تصميمه من قبل شركة "إل جيه بي"  IJP، وضم فريق من المهندسين المعماريين المخططين للمشروع "آر اس بي"  RSP،والمهندسين من شركة "بي تي اي" (PTE) المحدودة بسنغافورة, وذلك بعد ان وقع عليها الخيار من قبل هيئة إعادة التطوير الحضري في مرتفعات الجنوبية، بتكلفة إجمالية بلغت 25500 ألف دولار, بعد منافسة دولية مفتوحة للفوز بأقوى التصميمات في تنفيذ الجسور, عام 2004م, وفي عام 2009 حصد الجسر جائزة "تصميم الرئيس" في سنغافورة.
7 موجات
وأهم ما يميز الجسر هو شكله الخارجي والداخلي, الذي يأتي على هيئة موجة مكونة من 7 موجات ذات تضليعات من الصلب والخشب، ومنحنية لترتفع بالتناوب إلى أعلى وإلى أسفل, حيث يتخذ الجسر شكل منحنى الأضلاع على هيئة تجاويف وفي الوقت نفسه زودت هذه التجاويف بمقاعد تمكن مرتادي الجسر من الاسترخاء عليها وقضاء وقت ممتع في جو يمتزج بأحدث تقنية هندسية في تصميم الجسور في العالم.
إضفاءات مميزة
وقد صنعت المقاعد من شرائح  خشب "بالاو "balau" التي تأتي من جنوب شرق آسيا وتستخدم خصيصا بصفة عامة في أعمال الزينة, وتم استخدامها في بناء الجسر لتتناسب مع جميع الأحوال المناخية الجوية التي تطرأ على مدار العام في سنغافورة. كما أن الجسر تزينه تقنية عالية من الإضاءة, على هيئة الموجه أيضا, حيث تم استخدام مصابيح من نوع "إل إي دي" ليتم تشغيلها ليلا بداية من الساعة 7 مساءً وحتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وتم تصنيع هيكل الجسر من سلسلة من الأقواس الفولاذية لتعزز أعمدته, وتكسبه عامل القوة, ايضا تمت الاستعانة بنحو 1500 متر مربع من الاخشاب الاستوائية في تنفيذ المشروع, لتتيح فرصة الجلوس لمرتادي الجسر على 5000 مقعد مخصص للراحة فوق الجسر.
ويتضمن الجسر نحو 6 حارات للمشاة وراكبي الدراجات, ويمر على الساحل الجنوبي لسنغافورة وارتفاعه الشاهق وطوله الذي يصل 9 كيلومترات يكسبه لقب الجسر الأطول في جنوب شرق آسيا في خضم الطبيعة الزاهرة والمناظر الجذابة التي يطل عليها.
تقنيات رياضية
ويستند مفهوم تصميم "هندرسون ويفز" على شكل مطوية ثلاثية الأبعاد, تم إنشاؤها بواسطة وسائل حسابية مبسطة من الرياضيات, حيث استخدام المهندس المعماري للمشروع تقنيات رياضية لتحديد ملامح شكل الجسر بعد إنشائه بكل بساطة ليضفي على الطبيعة جمالا هندسيا راقيا. ومن هذا المنطلق جاءت الانحناءات التي يتميز بها الجسر، حيث يتموج ويصعد إلى قممه الأربع, ويدخل نوعا من المتعة في عرضه للمناظر الطبيعية الخلابة لكل من المشاة وراكبي الدراجات على جسر هندرسون.
تم نشر المقال بجريدة السيارات - مسقط