الجمعة، 29 يوليو 2011

في ستينات القرن الماضي ثلاثة أشخاص فقط يمتلكون سيارات بسمائل


رئيس حركة النقل بالتربية والتعليم يروي لـ"لسيارات" ملامح عصرين متعاقبين
الدغيشي: عدم تعبيد الطرق وطبيعة السلطنة الجبلية جعلت من التنقل عقبة كبرى

حاوره محمد خميس:
تصوير: نور الصباح 
عاصر يحيي بن سليمان الدغيشي من ولاية سمائل زمنين مختلفين, مترأسا حركة النقل بوزارة التربية والتعليم في عهد السلطان "سعيد بن تيمور آل سعيد", التي أعقبتها مرحلة جديدة سميت بـ"عصر النهضة المباركة", عكست التطور الحضاري الذي آلت إليه السلطنة في الوقت الحالي, وروى لـ "السيارات" ملحمة تاريخية من ذاكرته أوضحت حجم المعاناة التي كان يلاقيها المواطنون في التنقل بين الولايات وتلبية احتياجاتهم المختلفة.
في البداية قال يحيي الدغيشي: "ما زلت أتذكر أول مرة أقود فيها سيارة في حياتي, حيث كانت في أغسطس عام 1962م أي قبل بزوغ عصر النهضة بثماني سنوات, وكان وقتها لا يسمح باستخدام السيارات إلا في نطاق مسقط, لان الطرق لم تكن ممهدة لاستيعاب قيادة السيارات عليها, وبعد تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حكم البلاد عام 1970, سمح جلالته بحرية التنقل بالسيارات من وإلى مسقط, بعد ان كانت المدينة تغلق أبوابها في أعقاب أذان المغرب, حيث واكبت السلطنة تطورا متناميا في أعقاب تولي جلالته".   
وأضاف: " لاشك في ان جميع  طرق البلاد في تلك الفترة كانت تتسم بوعورتها وصعوبتها, نظرا للطبيعة الجبلية التي تكسوها, حيث كانت وقتها غير معبدة مثلما نراها اليوم, ولهذه الأسباب كان يتعذر نقل الركاب والبضائع من وإلى منطقة الجبل الأخضر, الأمر الذي يجعل من مسألة النقل مسألة في غاية الصعوبة, وللتغلب على تلك العقبة كان يتم نقل الركاب والبضائع عبر الطائرات, وكانت أكثر البضائع التي يتم نقلها في تلك الفترة هي مواد البناء مثل الحديد والاسمنت, وذلك فيما بين منطقة الجبل الأخضر والمناطق الأخرى, لأن السيارات لم تستطع عبور هذه المنطقة الجبلية بيسر".
مرسوم سلطاني
وأشار الدغيشي إلى ان تعبيد الطرق التي تصل بين مسقط وصحار جاء بمرسوم سلطاني من السلطان السابق للبلاد سعيد بن تيمور عام 1968, كذلك تعبيد الطرق الواصلة بين مسقط وصحار, بالإضافة إلى تعبيد الطرق بين مسقط و نزوى, مشيرا إلى ان هذين الطريقين يعدان أول طريقين يتم تعبيدهما في السلطنة, وقامت بأعمال تعبيدهما شركة (سترامك), مشيرا إلى ان هذا الطريق كان يفتقر إلى الأكتاف المرورية.
وألمح إلى انه تم البدء في القيام بإنشاء هذين الطريقين في العام 1968م, عقب صدور المرسوم السلطاني مباشرة, وقد تم الانتهاء من أعمال الإنشاء وتدشينهما رسميا عام 1973م, ومنذ بداية هذه الفترة وتشهد السلطنة افتتاح العديد من الطرق والمشاريع الإنمائية الحيوية التي من شأنها الارتقاء بالمواطن العماني إلى ان أصبحت الطرق في السلطنة تضاهي مستوى الطرق في الدول الأكثر تقدما, لمراعاة تطابق مواصفاتها المعايير العالمية, مشيرا إلى أنها تغطي وتصل بين جميع مناطق, وولايات السلطنة بما فيها الطرق الداخلية في الولايات.
رخص القيادة
وعن طبيعة استصدار رخص القيادة, وشروطها قبل عصر النهضة, أجاب الدغيشي قائلا: "كان مكان استصدار رخص السيارات وقتها من بلدية مسقط, وكان السيد طارق بن تيمور – عمّ حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه - مسؤولا عن إصدار تلك الرخص, مؤكدا على ان رخصة القيادة كانت تضاهي في مضمونها وقيمتها جواز السفر في تلك الأيام نظرا لصعوبة استصدارها وشروطها, وتعددت مراحل استصدار رخص القيادة من فترة إلى أخرى حسب التطور الذي تشهده السلطنة, حيث مرت مراحل استصدار رخص القيادة بتغييرات متخلفة ومتعددة بشكل كبير خاصة عقب تسلم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم مقاليد الحكم في البلاد.
وأضاف: "واليوم بعد ان امتدت شبكة الطرق الحديثة لتغطي كافة الأنحاء في السلطنة, انعكس ذلك على تنوع السيارات في اقتنائها حسب رغبة الشخص وحاجته إليها وحسب تنوع الأذواق, فلا شك في ان النهضة تعتبر نقطة تحول رئيسية لا ينبغي إنكارها, فهي ترجمة لملامح عصر ما قبل النهضة وما بعده.
معايشة عصرين
وأشار الدغيشي إلى انه زامن عصرين متناقضين, فهو الأقدر على المقارنة بين الحالين السابقين, حيث عمل في عهد السيد سعيد بن تيمور في إحدى الوظائف, بالإضافة إلى انه واصل عمله في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم, حيث كانت طبيعة عمله كرئيس لحركة النقليات في وزارة التربية, جعلته يتنقل بصفة مستمرة بين مدينتي مسقط وسمائل لنقل الركاب والبضائع بينها.
وأوضح أنه كان مسؤولا عن سيارات الوزارة البالغ عددها 130 سيارة حيث كانت تتركز مهامه في توجيه السائقين لأعمالهم وإرشادهم للأماكن التي من المفترض أن يذهبوا إليها.
وأكد يحيى على مبدأ المساواة بين الجميع الذي كان ولا يزال يتبعه جلالته في التعاون مع  أبناء هذا الوطن, فلا تفضيل لأحد على الآخر ولا لمنطقة على الأخرى, فالكل سواسية في هذا الوطن مشيرا إلى أن ولاية سمائل نالت - كواحدة من ولايات السلطنة- نصيبا وافرا من التطوير والتحديث, حيث اتسعت شبكة الطرق فيها, كما اتسعت الرقعة العمرانية, وزادت الأسواق وكثرت المراكز التجارية بها.
أول سيارة
  وعن أول سيارة امتلكها الدغيشي قال: "كانت من طراز فولكس واجن طراز عام  1968م, وعلى الرغم من انه عشقها كثيرا إلا انه لم يرغب في الاحتفاظ بها لأنه يهوى تغيير السيارات بصفة مستمرة, ليتسنى له الاستمتاع بتجريب العديد من الطرازات المختلفة والمتنوعة منها والتعرف على مزايا وعيوب كل طراز, مشيرا إلى انه يقوم بتغيير سيارته بعد استخدامها لمدة لا تزيد عن ثلاث أو أربع سنوات.
ويتذكر الدغيشي قائلا: " في الستينات كنت أميل إلى اقتناء سيارات الدفع الرباعي مثل سيارات "لاندروفر" و"لاند كروزر" و"ستاوك", لأنها تزخر بمميزات لا تتوافر في باقي السيارات الأخرى, إضافة إلى أنها تتميز بالقدرة على حمل أعداد كبيرة من الركاب الأمر الذي يجعلها تناسب الاستخدام العائلي, وملاءمتها للطرق الوعرة بالسلطنة, مشيرا إلى أهم الأسباب التي جعلته يفضلها وهي أنه استخدم سيارته لمسافات طويلة جدا, كالسفر إلى الدول المجاورة, حيث دائم التنقل والسفر من ولاية سمائل إلى الأراضي المقدسة, بالإضافة إلى زياراته المستمرة إلى "دبي" و"أبو ظبي".
ثلاث سيارات
وأردف الدغيشي قائلا: لم يكن في مدينة سمائل بأكملها في ستينات القرن الماضي, سوى ثلاث سيارات فقط, منهما سيارتان ينتمي صاحبهما إلى قبيلة " الوهيبية", وامتلك أنا السيارة الثالثة, وكانت أنواع هذه السيارات تتفق في كونها جميعها سيارات دفع رباعي, وتتنوع بين لاندروفر ولاندكروزر، مشيرا إلى ان هذه  السيارات تتماشى مع البيئة والطبيعة الوعرة التي تزخر بها السلطنة.
واختتم يحيى الدغيشي كلماته بتوجيه الشكر لحضرة صاحبة الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- على نقله البلاد من حالة الظلام والفوضى إلى النور والتطور متمنيا أن تظل السلطنة تنعم بالأمن والتطور في ظل قيادته الحكيمة.
تم نشر الحوار بجريدة السيارات "مسقط"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق